يشكل تغير المناخ خطرا كبيرا على الكرة الأرضية ويعد سببا رئيسيا في تدهور صحة الإنسان ويهدد النظام الطبيعي للكرة الأرضية، وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ونسف أي تقدم يحرزه الإنسان والدولة على صعيد البنية التحتية أو النظم الصحية والوضع الاقتصادي والحد من الفقر وأوجه التنمية بكل أشكالها، في هذا المقال نستعرض بعض آثار التغير المناخي على الأنظمة البيئية والبشرية مما قد يؤدي إلى حدوث كوارث طبيعية تهدد حياة البشر والكائنات الحية كافة.
ارتفاع درجة حرارة الأرض
كان العقد ٢٠١١-٢٠٢٠ هو أكثر عقد دفئا على الكرة الأرضية، ويلاحظ منذ فترة الثمانينيات لا يأتي عقد أقل دفئا من السابق مما يؤكد أن الأرض تسير إلى جو أكثر حرارة من المعتاد وذلك بسبب ارتفاع تركيز بعض الغازات الدافئة على سطح الأرض، مما يزيد من الأمراض المتعلقة بموجات الحر وارتفاع درجات الحرارة ويصبح العمل تحت أشعة الشمس وفي الهواء الطلق أمر شبه مستحيل.
حتى أن القطب الشمالي قد ارتفعت درجة حرارته عن المتوسط المتعارف عالميا له، كما تزيد حرائق الغابات بفعل زيادة ارتفاع درجات الحرارة وتنتشر بطريقة أسهل وأسرع في الأجواء الحارة، حتى درجة حرارة واحدة تكفي لإحداث كوارث عدة مثل الفيضانات وحرائق الغابات والجفاف، وقد انتشرت حرائق الغابات في جنوب أوروبا وفي مساحات شاسعة من البرتغال وإسبانيا وفرنسا.
عواصف بخسائر مادية وبشرية
في الآونة الأخيرة زاد معدل العواصف المدمرة للمنازل والسكان، والتي تسببت في مناطق عدة في زيادة عدد الوفيات وكمية الخسائر الاقتصادية، وحدث ذلك في أماكن ارتفعت درجة حرارتها عن سابق عهدها فأدى ذلك إلى تبخر النداوة الناشئة عن ارتفاع درجة الحرارة، وهي بدورها تتسبب في زيادة هطول الأمطار والفيضانات، مما يؤدي إلى ظهور عواصف أكثر حدة وتدميرا وتحدث بشكل متكرر، من ذلك الأعاصير والزاوبع الاستوائية التي تحدث بسبب وجود المياه الدافئة على سطح المحيط، ومن ذلك عاصفة “هينك” التي أحدثت دمارا في عدد من الدول الأوروبية.
الجفاف وندرة المياه
من أخطر آثار تغير المناخ هو عدم توفر كميات كافية من المياه في المناطق الأشد حرارة وبالتالي قلة الزراعة وقلة إنتاج المحاصيل ونقص الغذاء وموت الكائنات الحية التي تعيش بالأصل على الماء والغذاء، كما يؤدي الجفاف إلى حدوث عواصف رملية تنقل كميات كبيرة من الرمال عبر الدول والقارات، وأيضا يؤدي الجفاف على أقل تقدير إلى نقص مساحة الأرض الصالحة للزراعة ولتوفير الغذاء، وقد تضررت دول عربية كثيرة من ظاهرة الجفاف منها اليمن والمملكة العربية السعودية وليبيا والأردن وسوريا.
ارتفاع مستوى سطح البحار
يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيطات والبحار إلى زيادة حجمها وتمدد المياه مما يتسبب في ارتفاع مستوى سطح المياه فيها بفعل ذوبان الجليد مما يشكل خطراً على المناطق الساحلية وجُزُر البحار، وقد يتسبب ذلك في اختفاء مدن ساحلية بأكملها، كما أيضا قد يتسبب ذلك في انتهاء الحياة البحرية ونهاية الشعب المرجانية ؛ بسبب زيادة نسبة حمضية المحيطات بسبب غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه المحيطات وتمنعه من الحركة نحو الغلاف الجوي، ومن أشهر المدن المعرضة للغرق بفعل ارتفاع مستوى سطح البحر مدينة أمستردام في هولندا والبندقية بإيطاليا ومدينة بانكوك بتايلاند ومدينة جاكرتا بإندونيسيا ومدينة الإسكندرية بمصر.
فقد النوع
تتسبب عوامل ارتفاع درجة الحرارة وحرائق الغابات والطقس السيء في زيادة نسبة الغازات والآفات والأمراض وغيرها مما يتسبب في هلاك أنواع كثيرة من الكائنات الحية التي لا تقوى على العيش في هذه الظروف، مما يؤدي إلى انقراض أنواع كثيرة من الكائنات الحية واختفائها من الأرض تماما بمعدل أكبر ألف مرة من أي وقت سابق، حيث إن أغلب هذه الكائنات لا يستطيع الانتقال من مكان المعيشة.
نقص الغذاء
تتسبب الظواهر الجوية الحادة والمتطرفة مثل العواصف والبراكين والزلازل في زيادة معدلات الجوع وسوء التغذية، حيث أنها تدمِّر المحاصيل ومصايد الأسماك وتقتل الماشية أو يقل إنتاج كل ذلك على أقل تقدير، وقلة الموارد البحرية التي تغذي كثيرا من الكائنات الحية بسبب حمضية المحيطات، وتتسبب الحرارة في قلة المياه والمحاصيل ورعي الحيوانات مما يؤثر على الثروة الحيوانية.
الفقر والنزوح
تدمر الفيضانات المناطق الأكثر فقرا ومنازلهم وسبل معيشتهم مما يؤدي إلى نزوح أهالي هذه المناطق والانتقال إلى مناطق أخرى، مما يزيد من الكثافة السكانية في مناطق عدة على الأرض، كما أن آثار التغير المناخي تتسبب في حياة أكثر فقرا لكثير من البلاد الضعيفة والأكثر تعرضا لآثار التغير المناخي، وارتفاع درجات الحرارة على سبيل المثال تتسبب في قلة الوظائف الخارجية بسبب طقس الحرارة الصعب، والتغير المناخي يتسبب في قلة المحاصيل بسبب ندرة المياه.
وتزيد مخاطر التغير المناخي أو تقل على حسب معدل القدرة على الصمود تجاه آثار التغير المناخي أو سرعة اتخاذ إجراءات عاجلة ضدها، ولذلك لابد أن تكون الدول على أتم الاستعداد استعداد لمواجهة تداعيات أزمات تغير المناخ والحد من آثارها.