يعد محمد علي كلاي من أشهر ملاكمي أمريكا استمر على عرش الملاكمة لمدة تزيد عن عشرين عاما، ولد باسم (كاسيوس مارسيوس كلاي جونيور) قبل اعتناقه الإسلام، في السابع عشر من يناير عام ١٩٤٢م، بمدينة لويفيل بالولاية الأمريكية كنتاكي.
نشأته
كانت أسرته أميريكية سوداء من الطبقة المتوسطة في المجتمع الأمريكي، كان أبوه يعمل في رسم اللافتات الإعلانية وينتمي إلى الطائفة الميثودية وهي طائفة مسيحية بروستانتية كانت موجهة بشكل أساسي للعبيد والفلاحين والعمال، لكنه تربى هو وأخوه على المذهب المعمداني الإنجيلي من خلال والدته التي كانت تعمل خادمة منزل.
بداية الملاكمة
بدأ “كلاي” ممارسة الملاكمة في عمر الثانية عشرة بمحض الصدفة، وشغف بالملاكمة داخل صالة مدرب الملاكمة “جو مارتن”، ويروي “كلاي” سبب دخوله الملاكمة في يوم كان فيه راكبا دراجته الهوائية في ناحية معرض لويزفيل هوم شو، الذي أعلن عن توزيع الحلويات والنقانق والفشار مجانا على الحاضرين.
فعندما خرج من المعرض وجد دراجته المركونة قد سرقت، فقرر أن يبلغ الشرطة وكان هناك شرطي في نفس المكان يدير صالة ألعاب رياضية وهو جو مارتن في كولومبيا، فذهب إليه وأخبره وطلب منه أن يتركه يضرب السارق، فأخبره “مارتن” بأنه لابد أن جاهزا عندما ينوي القتال، وأقنعه بالانضمام إلى صالة الملاكمة، واندمج ” كلاي” بعدها بعالم الملاكمة.
نجاحات مبكرة
وحقق ألقابًا عديدة هو دون السن ثمانية عشر عاما، على المستويين المحلي والوطني، ففي فئة الوزن الخفيف الثقيل حصل على ميدالية ذهبية لأولمبياد روما الصيفية عام ١٩٦٠م، فدخل عالم الاحتراف في أكتوبر من نفس العام.
وخلال السنوات الثلاثة التالية خاض “كلاي” تِسعة عشر نِزالا فاز في جميعها، وفاز من خلال الضربة القاضية في خمسة عشر نزالاً منها، وهو رقم كبير ملاكم ناشيء.
وجاءت المفاجأة في عام ١٩٦٤م عندما هزم “سوني ليستوني” بطل العالم في الملاكمة في ذلك الوقت، وفاز عنها بلقب بطل العالم للملاكمة المحترفين في فئة الوزن الثقيل، وكان أصغر ملاكم يحقق هذا الفوز ويحصل على لقب البطولة في هذا المجال وهو في سن اثنين وعشرين عاما محققا رقمًا قياسيَّا.
اعتناق الإسلام
من مقولات محمد علي كلاي بعد اعتناقه الإسلام”طلبت من الله الثروة فأعطاني الإسلام، لا يهم ما إذا كنت مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، عندما تؤمن بالله ينبغي أن تعتقد أن جميع الناس جزء من عائلة”، اقتنع “محمد علي كلاي” وأدرك أنه وسيلة لتوجيه حياته بطريقة صحيحة، وطوع جهوده الرياضية بما يتناسب مع معتقدات الدين الإسلامي.
بعد فوزه الساحق عام ١٩٦٤م ونيله لقب البطولة اعتنق” كاسيوس كلاي” الإسلام وحول اسمه إلى محمد علي كلاي، وانضم لجماعة أمة الإسلام مع الداعية الإسلامي “مالكوم إكس”، وفور إعلانه ذلك كانت صدمة في الوسط الرياضي وبين مشجعيه.
وتعرض للانتقادات وبات كثير من محبيه ينادونه بـ ” كاسيوس”، وانهالت عليه الصحف بالهجوم، وقاد “جيمي كانون” عميد صحفيي الملاكمة حملة صحفية ضده، وتم إلغاء برنامج حواري كان سيحل ” محمد ” فيه مع النجم جاك بار.
ثم سافر ” كلاي” بعد ذلك بحزامه الثقيل إلى كندا وانجلترا وألمانيا وفاز في كل جولاته الرياضية حتى اختير سفيرا للنوايا الحسنة في الأراضي الأجنبية من قِبل منظمة الملاكمة، وعاد إلى أمريكا وهزم ويليامز ” القط الكبير” في ثلاث جولات.
وهو مع ذلك لم يخضع لكل هذه الحملات، فقد خصص دخلاً من أمواله كل عام لخدمة الإسلام، وحول القصر الذي يعيش فيه إلى مسجد ومدرسة لتعليم القرآن الكريم، وبنى بولاية شيكاغو أكبر مسجد تحول إلى مركز إسلامي فيما بعد.
حرب فيتنام
في عام ١٩٦٤م رسب “محمد علي” في اختبارات الالتحاق بالجيش الأمريكي للمرة الثانية، بسبب عدم اجتيازه اختبار الكتابة واللغة، وبعد عامين فوجئ بقبوله في الجيش بسبب التخفيف من معايير الانتقاء.
ورفض “محمد علي” الانضمام للجيش واعترض على المشاركة في حرب فيتنام لأنها غير مبررة ولا تتناسب مع دين الإسلام، وأن لا يوجد خلاف مع المقاتلين الفيتنامين “الفيتكونغ” وأنه لن يطلق النار على مواطنين أكثر سمرة أو فقراء جوعى من أجل أمريكا القوية، واهتم العالم بهذا الفعل وتابع مستجداته، وقام ” محمد علي” بالمشاركة في التظاهرات التي ضد الحرب.
بسبب هذا الموقف حكم على ” محمد علي” بالسجن أربع سنوات بتهمة رفض الالتحاق بالتجنيد، وبغرامة قدرها ١٠ آلاف دولار، بل وجرد من لقبه العالمي، وبقي حرا في فترة استئناف الحكم.
وصار خارج الحلبة لمدة ثلاث سنوات حتى أصدرت المحكمة العليا حكمها في عام ١٩٧١م، بأن رفض” محمد علي كلاي” لأداء الخدمة العسكرية ليس بجريمة بل يتناسب مع ضميره الأخلاقي الذي يتعلق بعقيدته.
بطولة العالم مرتين
وفي نفس العام خسر ” محمد علي “مباراته أمام خصمه “جو فرايزر”، لكنه تدارك الخسارة عندما فاز ببطولة العالم للمرة الثانية في عام ١٩٧٤م عندما هزم جورج فورمان، وفاز بها للمرة الثالثة عندما هزم ليون سبينكس عام ١٩٧٨م.
تزوج محمد علي كلاي أربع مرات، الأولى من “سونجي روي” لم تستمر طويلا وانتهت بالطلاق عام ١٩٦٤م، والثانية عام ١٩٦٧م من “بيلندا بويد” التي غيرت اسمها مع دخول الإسلام إلى” خليلة” وانفصل عنها في عام ١٩٧٦م وقد أنجب منها أربعة أبناء، والثالثة “فيرونيكا بورشي” عام ١٩٧٤م وأنجب منها ابنتين وانفصل عنها ١٩٨٦م، وكان زاوجه الأخير من حبه الأول “يولاندا ويليامز”.
الرحيل
خاض مباراته الأخيرة عام ١٩٨١م وخسرها أمام الملاكم “تريفور بيربيك” بقرار الحكام وكان في سن الأربعين وقتها، وبدأت تظهر عليه أعراض مرض شلل الرعاش ” باركنسون” عام ١٩٨٤م، وتوفي في عام ٢٠١٦م بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر يناهز ٧٤ عاما، ودفن بمسقط رأسه بولاية “كنتاكي”.