قصر التحرير أو قصر الأميرة نعمت الله توفيق يحمل كثيرا من القصص والتحويلات التي حدثت منذ إنشائه، عندما تمر بميدان التحرير وتعبر مجمع التحرير ستجد القصر بارزا هناك، هل سألت قبل ذلك ما اسم هذا المبنى وما حكايته، التفاصيل في التقرير التالي:
تصميم القصر
صمم القصر المهندس الإيطالي انطونيو ليشياك، وهو مهندس معماري مشهور اعتمدت عليه الأسرة المالكة في بناء وتشييد القصور، وأصبح في عام ١٩٠٧م رئيس مهندسي القصور الملكية، وكان الهدف من القصر إقامة الأميرة نعمت الله توفيق به، جمع المبنى بين الجمال والدقة في التفاصيل.
تعريف بالأميرة
الأميرة نعمت الله توفيق هي ابنة الخديوي توفيق ابن الخديوي إسماعيل بن محمد علي باشا، ولدت عام ١٨٨١م، وهي شقيقة الخديوي عباس حلمي، وخلفه في الحكم السلطان حسين كامل والد زوج الأميرة نعمت، وهو كمال الدين حسين كامل.
الزواج الأول
تزوجت الأميرة نعمت الله توفيق زواجها الأول داخل هذا القصر من الدبلوماسي محمد جميل طوسون وهو ابن عمها، وأثمر هذا الزواج بابنها الوحيد الأمير عادل طوسون، لكن هذا الزواج لم يستمر طويلاً فانتهى بطلاق ودي في عام ١٩٠٣ م وبقيت الأميرة مقيمة بالقصر، لأنها حاضنة لطفلها وتنازل طليقها عن ١٣٠٠ فدان من أملاكه.
الزواج الثاني
أما الأسرة لم تكن ترغب في وجودها بالقصر دون زوج، فتزوجت من ابن عمها كمال الدين حسين كعادة العائلة الملكية في تزويج الأميرات لأمراء من داخل العائلة الملكية، ومن ذلك أطلق على القصر قصر الأمير كمال الدين حسين.
الأمير التعيس
الأمير كمال الدين حسين هو الابن الوحيد للسلطان حسين كامل، لم ينجب أطفالا من الأميرة نعمت الله توفيق فأصبح القصر تعيسًا، غير أن الأمير “كمال” لم يهتم بأمور الدولة فكان دائم السفر ولم يقيم كثيرا بالقصر، فكان مهتما بشراء التحف الشرقية والطرق الصوفية الألبانية، وكان القصر عبارة عن مكانا للقاءات الهامشية ولم تكن به حياة.
وفي عام ١٩١٧م وقد تخلى الأمير “كمال” عن العرش قبل وفاة والده السلطان بساعات لعمه السلطان فؤاد أو الملك فؤاد بموجب إعلانه ملكا عام ١٩٢٢م على المملكة المصرية.
تعاسة مضاعفة
في عام ١٩٢٤م أقيم بالقصر حفل زواج الأمير عادل طوسون ابن الأميرة نعمت من زوجها الأول، والذي تزوج من شقيقة الملكة نازلي زوجة الملك فؤاد الأول، وحمل القصر بعدها حدث تعيس آخر فقد ماتت العروس وقت الولادة، وترمل الأمير الشاب وانتقل إلى لندن، وقد توفي الأمير “كمال” في فرنسا الذي كان من المفترض أن يكون هو ملك مصر، وذلك بعد إصابته بجلطة بالساق أدت إلى بتره، ثم أدت المضاعفات إلى وفاته.
وزارة الخارجية بالقصر
وبعدها قررت الأميرة نعمت الله توفيق بالتنازل عن القصر لوزارة الخارجية المصرية، بعد أن أصبح القصر في حالة حداد، وكان ذلك في عام ١٩٣٨م، لتتخذه الوزارة مقرا جديدا لها بعد تركها المقر الاول بشارع البستان بباب اللوق الذي كان قصرا يمتلكه الملك فؤاد الأول.
وقد واكب القصر وهو في حيازة الوزراة كثيرا من الأحداث مثل مثل حرب السويس عام ١٩٥٤م، مفاوضات الجلاء عام ١٩٥٤م، وإبرام معاهدة ١٩٣٦م، وتوافد وزراء الخارجية عليه.
ترميم القصر
تم ترميم القصر في وقت تولي عمرو موسى لوزارة الخارجية وتحويل مقر الوزارة إلى مكان جديد بحي بولاق على كورنيش النيل عام ١٩٩٤م، واعتبر القصر مقر لاستقبال الوفود وزراة الخارجية، واستمرت أعمال الترميم حتى تولي أحمد أبو الغيط وزارة الخارجية.
تفاصيل القصر
عاشت الأميرة نعمت الله توفيق حياة زهد وتقشف في هذا القصر، وذلك بسبب نزعتها الصوفية قبل تركه والذهاب إلى مقر آخر بالقرب منه، ثم انتقلت إلى فرنسا وتوفيت عام ١٩٦٦م.
ويضم القصر الآن في طابقه الأول صالون لصور أسرة محمد علي باشا، وصور رؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية وصالونات استقبال تكفي عدد ٤٨ فردا.
والطابق الأرضي يوجد به قاعة اجتماعات كبرى، وقاعة للمؤتمرات الصحفية بها نظام ترجمة فورية، ومكتب الوزير وصالون للطعام يكفي ٢٤ فردا.
وحتى اليوم يستقبل القصر وفود وزارة الخارجية من مختلف أنحاء العالم، ويحتوي القصر على محتويات وقطع ملكية نادرة تحمل ختم الملكية، ويظل المبنى شاهدا على تاريخ الدبلوماسية المصرية.