تعتبر قرية شبرا بلولة المصدر الرئيسي الياسمين على مستوى العالم وحدها تنتج ما يزيد عن نصف الإنتاج العالمي من الياسمين، تقع هذه القرية الصغيرة بمحافظة الغربية وبالتحديد في مركز قطور على بعد ٩٧ كم من العاصمة، تسهم قرية شبرا بلولة منذ الخمسينيات من القرن الماضي في إنتاج أنواع مختلفة من الماركات العالمية للعطور، حيث يعد الياسمين الذي تنتجه القرية مكونا أساسيا للعطور، وأهمها على الإطلاق العطور الفرنسية ويتم التصدير أيضًا إلى ألمانيا وسويسرا وباقي الأسواق العالمية.
قطف الياسمين
خلال الفترة من شهر يونيو إلى شهر ديسمبر كل عام يبدأ حصاد الياسمين، ويتجه المزارعون إلى قطفها وقت الفجر وحتى الساعة التاسعة صباح نفس اليوم، وذلك لأن نبات الياسمين ينتشر عبيره وسط الحقول بعد غروب الشمس، وبمجرد شروق الشمس تفقد الزهور رائحتها الزكية.
هذه الزهور يتم تلقيحها في الظلام من خلال الفراشات وغيرها من الكائنات الليلية، بدلاً من النحل الذي يتحرك في النهار، فتتفتح براعم الياسمين في ساعات المساء وتطلق عبيرها، فينتهز القروي الفرصة ويبدأ في قطفها، ويتم تجفيف الزهور في الظل لمدة عشرة أيام، وبعدها يتم عملية استخلاص الزيوت العطرية.
رواج القرية عالميا
أصبحت القرية بعد نجاح التغطية الإعلامية لها مثار تساؤل وجذب لمزيد من السياح والمدونين والمصورين والأطفال بالمدارس الذين يأتون القرية ويلتقطون الصور التذكارية في حقول الياسمين، بل ويشاركون المزارعين عملية قطف الأزهار.
شروط عملية القطف
وعملية قطف الياسمين لابد وأن تتم بحرص وعناية كي لا تفقد النبتة زيوتها، ولابد من الاقتصار على جمع البراعم البيضاء الناضجة وتجنب قطف البراعم الوردية الصغيرة وتركها لمدة يوم أو يومين لأنها ستذبل على أي حال بمجرد قطفها، بخلاف البراعم البيضاء التي تحتفظ برونقها لعدة ساعات.
عجينة الياسمين
يتم استخراج زيت عطري مركز من الياسمين يتم معالجته لإنتاج أنواع مختلفة من العطور، يبدأ ذلك بغسل الزهور جيداً في الماء، وتوضع في أوانٍ كبيرة ويوضع عليها غاز الهيكسان لعزل زهرة الياسمين عن الزيت المطلوب في عملية صناعة العطور من خلال أجهزة معينة وبطريقة تضمن استخراج زيت أكثر نقاءً، ويتم تحويل الزيت المستخرج إلى عجينة توضع في إناء من الألومنيوم، وتصدر هذه العجينة إلى أوروبا كمادة خام للاستخراج العطور منها، هذا ويتم استخلاص الزيوت العطرية من نباتات أخرى غير الياسمين، مثل القرنفل والنارنج والزعتر والبنفسج لكن يبقى الياسمين هو أهم مادة خام لصناعة العطور في القرية.
غير أن الياسمين منفردا مفيد في تحسين الحالة المزاجية، ويستخدم في نطاق واسع في العلاج بالروائح، ويزيد من معدل المشاعر الإيجابية والنشاط، ويقلل من المشاعر السلبية والخمول.
وفي عام ٢٠٢٠م تم إنتاج ستة أطنان من عجينة الياسمين، هذا ويتم إنتاج ٢ كيلو ونصف الكيلو من عجينة الياسمين في الطن الواحد منه، وهي بدورها تنتج ما يعادل كيلو وربع من زيت العطور.
مميزات شبرا بلولة
ويرجع تفرد قرية شبرا بلولة عن غيرها في زراعة الياسمين بسبب التربة الطينية المناسبة لإنتاج جودة عالية من نبتة الياسمين، فضلا عن توافر منسوب المياه، بالإضافة إلى مناخ القرية المعتدل الذي يتناسب مع نمو النبات، حتى وإن كان هناك بعض المناطق والقرى انتقل إليها زراعة محصول الياسمين في الآونة الأخيرة مثل بعض قرى مركز بسيون بمحافظة الغربية أيضًا وبعض قرى محافظة بني سويف، إلا أن قرية شبرا بلولة ما زالت المصدر الأول لعجينة الياسمين.
وتأتي دولة الهند في المركز الثاني في إنتاج مستخلص الياسمين، وتنتج مع شبرا بلولة ٩٥ ٪ من العجينة عالمياً، هذا وتصدر مصر ١٠٠٪ من إنتاجها السنوي، فضلا عن أن هذا المجال يوفر فرص عمل لنحو ٥٠ ألف مصري، في مساحة أرض تصل إلى ٤٦٥ فدانا في شبرا بلولة فقط.
مشاكل شبرا بلولة
ورغم الصورة المثالية للقرية التي تظهر للعالم إلا أن مشروع حصاد الياسمين لا يخلو من بعض المشاكل التي تواجه رواد هذه الصناعة من عاملي جمع المحصول على رأسها الأجور المتدنية التي يتقاضاها عاملو جمع الزهور، خصوصا وأن هذه المهنة هي مصدر الدخل الأساسي لكثير من الأسر في القرية التي لا تمتلك حرفة بجانبها، وينتظرون موسم جمع الياسمين لتغطية التزاماتهم المادية.
وسواء كان هو المصدر الأساسي في القرية أم لا، فستظل القرية صورة مشرفة لمصر في أنحاء العالم، فعند اقتناء أي نوع عطر عالمي لا تستبعد أنه من إنتاج قرية شبرا بلولة.