تبدو قرية السماحة الموجودة في محافظة أسوان جنوب مصر وفي منطقة صحراوية كأنها أسطورة أو قصة خيالية، فهي قرية لا تقبل سوى النساء للعيش فيها، وبالتحديد الأرامل والمطلقات، فتجد المرأة في الصباح الباكر تبدأ عملها في الزراعة وتربية الماشية والعجول والدواجن، وتقوم بإيقاظ أبناءها للذهاب إلى المدرسة حاملة أدوات الزراعة في مشهد يختلف عن المشهد الذي عهدناه بأن تتبع المرأة زوجها إلى الحقل وتقوم بمساعدته، هي هنا المحرك الرئيسي لكل ذلك، هنا لا وجود للرجال، النساء هي التي جعلت من الأرض الصحراوية جنان خضراء.
قرية السماحة كانت ضمن مشروع نفذته وزارة الزراعة عام ١٩٩٨م لخدمة الأرامل والمطلقات بمركز إدفو محافظة أسوان، وتوفير فرصة عمل لهُنَّ من خلال تسليمهن قطعة أرض في منطقة وادي الصعايدة، وتكليفهن بالعمل عليها وتربية الماشية والدواجن بجانبها، واشترطت الوزارة عدم وجود زوج عائل لأي امرأة تسكن في هذه القرية، وأي امرأة تتزوج تتزوج بعد تسلمها قطعة الأرض والعيش تنزع منها ملكية الأرض، ويشترط أيضاً أن تكون المرأة لا تملك حيازة زراعية
قرية السماحة والمنظمات الدولية
القرية تضم ما يقارب ٣٠٠ سيدة وأولادهن، وتبعد عن مدينة أسوان مسافة تصل إلى ١٢٠ كيلو متر، وتبلغ الأراضي الزراعية المسلَّمة في القرية نحو ١٨١٨ فداناً، ويتم مساعدة السيدات المقيمة بالقرية من مختلف المنظمات الدولية، من خلال تسليمهن أثاث منازلهم وأدوات الزراعة، ويتم أيضا منحهن قروض لشراء الماشية والسداد في مدة تصل إلى ثلاث سنوات، وتكون بدون فوائد
تسمح الدولة للسيدات بقرية السماحة زراعة شتى المحاصيل مثل القرنفل والقمح، وتمنع الحكومة زراعة محصول قصب السكر في” السماحة” وفي حال مخالفة ذلك تحرم من استلام سماد زراعي، ويأتي سبب منع الدولة لزراعة القصب أن مدينة أسوان المجاورة للقرية تنتج المحصول بكثرة
لا حياة بقرية السماحة للأبناء المتزوجين
أما عن أبناء السيدات المقيمة في القرية يسكن كل واحد منهم إلى أن يتزوج ويخرج من القرية مباشرة بعد زواجه سواء كان ذكر أو أنثى، لأن المشروع يخدم المرأة التي فقدت زوجها بالموت أو الانفصال وأبناءها وتوفير سبيل العيش لهم.
في قرية السماحة ممنوع دخول الرجال ليلاً:
هذا وقد تلجأ بعض السيدات بتأجير الرجال من قرية أخرى مجاورة للعمل في الأرض مقابل أجر عند عدم قدرتها على أداء أعمال الزراعة وتربية الحيوانات، وبمجرد أن يأتي الغروب لابد أن يخرج أي رجل من القرية ويمنع من المكوث في القرية ليلا.