ولد نيلسون مانديلا في يوم الثامن عشر من يوليو عام ١٩١٨م بجنوب أفريقيا وبالتحديد في بلدة ” مفيزو” بمنطقة ” ترانسكاي” لقبيلة “الهوسا”، وقد أظهر منذ صغره تمرده حيث إن اسمه الحقيقي ” دوليهلاهلا” ويعني بالأفريكانية “المشاكس”، ولكن بسبب صعوبة الاسم سماه أساتذته البِيض في مدرسة الإرسالية الابتدائية ب ” نيلسون”.
بداية الاحتجاجات
بعد وفاة والده انتقل إلى قبيلة ” ثامبو” وعاش مع حاكم شعب “ثامبو” الذي كان يحفظ جميل والد “نيلسون” لأنه اختاره رئيسا للقبيلة قبلها بسنوات، وكان عمر ” نيلسون” تسعة أعوام وقتها، وقد أظهر نبوغا في تعليمه وكان من القلائل الافريقيين وقتها الذي يلتحق بمدرسة ابتدائية وأكمل تعليمه فيها، والتحق بعدها بكلية فورت هاري بعد إنهاء دراسته بمدارس الإرسالية.
وقد أبدى أول اعتراضه على سياسات التميز العنصري في الكلية حيث شارك في الاحتجاجات الطلابية مع رفيق دربه “أوليفر تامبو” وطُرِد هو وزميله من الكلية عام ١٩٤٠م، ولم يستطع إكمال الدراسة فقام بإكمالها من خلال المراسلة في “جوهانسبرغ” وعاش بها، حتى حصل على ليسانس الحقوق.
العمل السياسي
وقد بدأ أول حراكه السياسي وهو في العشرين من عمره فقام بالانضمام إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المعارض لسياسة التميز العنصري وذلك في عام ١٩٤٢م، وحاول استقطاب مختلف الفئات الأفريقية وعمل قاعدة شعبية كبيرة مناهضة لقوانين التميز العنصري، حتى نشط في الحزب وكان من أهم موسسي ” اتحاد الشبيبة” بالحزب.
لم تكن الوظائف الحكومية متاحة لمن هو مثله ممن يملكون البشرة السوداء وكأن سياسة التميز العنصري تتبعه في كل مكان، فقام هو ورفيق دربه بافتتاح مكتب محاماة في عام ١٩٥٢م، وكان أول مكتب محاماة أصحابه من البشرة السوداء في جنوب أفريقيا.
اشتعال المقاومة
بدأت حملة التحدي بالحزب مقاومة لسياسات التميز العنصري بالبلاد فظهر فيها ” نيلسون” وقام بالتحريض على مقاومة العنصرية متنقلا بين البلاد حتى صدر حكم بسجنه مع وقف التنفيذ، ومنعه أيضا من مغادرة جوهانسبرغ لمدة ستة أشهر، وانتهز ” مانديلا” الفرصة وقام بتحويل فروع الحزب إلى خلايا منتشرة في البلاد.
في عام ١٩٦٠م حدثت مذبحة “شاريفيل” حيث قامت الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين وسقط العديد من القتلى والجرحى، فقامت السلطات بوقف أنشطة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وقامت باعتقال ” مانديلا”.
تم الإفراج عن ” مانديلا” عام ١٩٦١م قام بعدها بالسفر إلى الجزائر في عام ١٩٦٢م، وقام بعمل دورات تدريبية لأعضاء الجناح العسكري بالحزب، لكن بمجرد عودته إلى بلاده اعتقل بتهم السفر بطريقة غير قانونية والتحريض على أعمال العنف والتجمهر.
المحاكمة والاعتقال
وأثناء محاكمته قام بالدفاع عن نفسه وارتدى ملابس مصنوعة من جلد النمر معبرا بذلك عن ثقافة أفريقيا وحضارته، وعن كونه رجل أفريقي يحاكم من ذوي البشرة البيضاء.
تم الحكم عليه بالسجن لمدة خمسة سنوات وصدر بعدها حكم آخر عليه وهو في فترة الحبس بالسجن المؤبد في عام ١٩٦٤م، واستمر في محبسه لمدة تجاوزت ربع قرن لم يتراجع فيها عما آمن به ورفض كل العروض المغرية مثل الإفراج عنه مقابل تركه المقاومة أو إعلانه نبذ العنف.
وأصبح رمزا للنضال والدفاع عن الحريات، وفي عام ١٩٩٠م وبعد ضغوط داخلية ودولية على جنوب أفريقيا تم الإفراج عنه بعد أكثر من ٢٧ عاما في سجنه.
عودة” مانديلا ”
عندما خرج من سجنه دخل في مفاوضات مع رئيس جنوب أفريقيا ” ديكليرك” لوقف الكفاح المسلح وإنهاء التميز العنصري، وتحقق طموحه حين انتهى نظام التميز العنصري وتم عمل دستورا جديدا تعدديا يسمح لكل المواطنين بكامل حقوقهم المدنية.
في عام ١٩٩٤ انتُخِب ” مانديلا” رئيسا لجنوب أفريقيا وبذلك يكون أول رئيس من السود يحكم جنوب أفريقيا، وحصل في عام ١٩٩٣م على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس ” ديكليرك” كآخر رئيس للتميز العنصري بجنوب أفريقيا.
مانديلا بعد الرئاسة
شغل “مانديلا” منصب الأمين العام لحركة عدم الانحياز عام ١٩٩٨م، استمر ” مانديلا” في الحكم حتى عام ١٩٩٩م وقرر التقاعد وعدم الترشح لولاية ثانية، وأهتم بعدها بالعمل الخيري من خلال صندوق نيلسون مانديلا للطفولة ومؤسسة مانديلا الخيرية لمكافحة الإيدز، وأصبح رجلا من حكماء الدولة.
في عام ٢٠٠٥م اختارته الأمم المتحدة سفيرا للنيات الحسنة، وكان يشجع مانديلا الدول على حل الأزمات عن طريق الدبلوماسية والمصالحة، وأهتم كثيرا بقضايا القارة الأفريقية وانتقد الحكومة الإسرائيلية في المماطلة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحث الهند وباكستان على التفاوض لحل أزمة وصراع ” كشمير”.
توفي نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا بسبب مرض تنفسي وبعد معاناة طويلة مع المرض في الخامس من ديسمبر عام ٢٠١٣م وحضر جنازته عدد كبير من قادة العالم وأعلنت الدول حالة الحزن والحداد.