يختلف الجميع في بداية ظهور موائد الرحمن في الإسلام فمنهم من أرجعها إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من رجح ظهورها في عهد أحمد بن طولون أو في عهد الخليفة المعز لدين الفاطمي، لكن في مصر تعتبر مائدة أحمد بن طولون أول مائدة على الأرجح، وتعتبر هذه دلالة كبيرة على الكرم والتواصل الاجتماعي بين المصريين، وهي من العلامات المميزة لشهر رمضان، وكانت المائدة التي قدمها الرسول صلى الله عليه وسلم للوفد الذي جاء من الطائف أثناء وجود النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، وهي لم تكن مائدة بالشكل المعتاد.
مائدة ابن طولون
في عام ٨٨٠م أقام أحمد بن طولون مائدة إفطار رمضانية وقد قام بجمع التجار والأعيان في أول يوم في شهر رمضان، وكانت هذه السنة الرابعة لولايته، وألقى عليهم خطبة يذكرهم فيها بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، وأن هذا هو الغرض من المائدة وأنها ستستمر طوال الشهر الكريم، وأطلق عليها “سماط الخليفة”.
مائدة الفاطميين
لكن هذه الظاهرة اختفت لفترة حتى ظهرت في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي وكانوا يطلقون عليها “دار الفطرة”، وكانت تقدم في جامع “عمرو بن العاص “، حيث كان الخليفة يخرج من قصره جميع أنواع الطعام على ١١٠٠ قِدْر وتوزع على الفقراء والمحتاجين وقد بدأت هذه العادة بأن الخليفة الفاطمي كان يبعث في أو الشهر صرة من ذهب ليعم الخير على كل الناس في شهر رمضان وكانوا يسمونها “غرة رمضان” ، وأقيم في عهد الخليفة العزيز بالله مائدة إفطار لعابري السبيل في شهور رجب وشعبان ورمضان، بسبب الحروب بين المماليك والعثمانيين بدأت الموائد في الاختفاء.
موائد المماليك
اهتم المماليك بموائد الرحمن وقاموا بتخصيص أموالهم للإنفاق على الموائد وجعلوا قصورهم مكانا لها، ومن أبرزهم السلطان ” حسن بن قلاوون الذي كان يقدم كل يوم في رمضان جميع الأطعمة و١١٧ ذبيحة.
موائد العثمانيين
أما في العهد العثماني انتشرت في عهدهم الموائد حتى أنها كانت أمام البيوت ومع كل مائدة أمير يشرف عليها بذلك يقومون بخدمة الصائمين، وكانوا يسمونها ” الموائد السلطانية”، وتوسع الوالي العثماني عبد الرحمن كتخدا في ذلك وأطلق عليه الناس إمام الخيرات.
هريسة الليث
وقيل أن الليث بن سعد المحدث والفقيه وإمام أهل مصر هو أول من أقام مائدة رحمن بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تخص الفقراء وعابري السبيل، وكانت تسمى “هريسة الليث”
مائدة الأقباط
وكانت أول مائدة إفطار رمضانية في شوارع القاهرة من خلال الأقباط في حي شبرا عام ١٩٦٩م، وقام بتنظيمها القمص صليب ساويرس راعي كنيسة ماري جرجس، وأفطر فيها المسلمين والمسيحيين وأصبحت منذ ذلك تقليدا سنويا في كافة أنحاء العاصمة.
وكانت تتركز الموائد في مناطق قريبة من المساجد العريقة مثل الجامع الأزهر ومسجد الحسين ومسجد السيدة زينب، حيث يوجد عدد كبير من التجار، وبدأت بعض الهيئات بتوفير موائد رحمن مثل وزارة الأوقاف وكثير من الجمعيات الخيرية والأهلية، وتقوم وزارة الصحة بالإشراف عليها للتأكد من سلامة وجودة الأطمعة والمشروبات التي تقدم للصائمين.