توجد رمزيات القضية الفلسطينية على أرض فلسطين لتبعث الأمل نحو غدٍ أفضل حتى ولو بدت الصورة باهتة، فعندما يذكر اسم فلسطين يتبادر في الذهن مباشرة بعض الصور التي قد تكون مؤلمة خصوصاً في هذه الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة، فقد يصل إلى مخيلتك لقطات القصف والدمار والبيوت المهدمة والدماء التي تعلو الحجارة والنساء والأطفال النازحين وغيرها من المشاهد القاسية.
لكن أيضا هناك رمزيات نتذكرها بمجرد ذكر القضية الفلسطينية مثل الكوفية الفلسطينية وصورة المسجد الأقصى ونبات البطيخ الذي يتداوله نشطاء الفيس بوك حاليا، في هذا المقال نرصد أبرز وأهم رمزيات القضية الفلسطينية.
الكوفية الفلسطينية
تغنى الفلسطينيون عبر الأجيال بالشال أو الكوفية الفلسطينية عبر الأجيال، وكانت بارزة في المواويل والأغاني التي خرجت من رحم هذه الأرض ليس كونها مجرد وشاح يرتديه أهلها بل هي رمز وطني يعبر عن كفاح ونضال أصحابها وهوية فلسطين ومقاومتها للاحتلال، عبر لونين فقط هما الأبيض والأسود يمثلان الأنماط المرسومة على الكوفية.
فالخط العريض على الكوفية يعبر عن الطرق التجارية داخل أرض فلسطين وهذه رمزية إلى تاريخ فلسطين الطويل في السفر والتجارة والتبادل الحضاري والثقافي، أما الشبكة في منتصف الكوفية فهي عبارة عن شبكة صيد الأسماك التي تشير إلى قرب البحر الأبيض المتوسط من فلسطين ومكانته لدى البحارة وأهل الصيد، وعلى جانب الكوفية توجد أوراق الزيتون التي ترمز لثقافة وحضارة فلسطين حيث هي النبات الأشهر والأقدم هناك.
وقد كانت الكوفية في بداية الأمر مجرد غطاء للرأس عند أهل الريف والبدو في المشرق العربي لكن أثناء ثورة فلسطين التي اندلعت في عام ١٩٣٦م قرر زعماء الثورة توحيد لباس الرأس في فلسطين واختيار الكوفية والعقال حتى لا تستطيع سلطات الاحتلال تمييز الثوار عن باقي المواطنين حتى لا يتم اعتقالهم، ومن وقتها انتشرت عبر العالم وأصبح يرتديها كل من يساند القضية الفلسطينية، وحرص زعماء المقاومة الظهور بها في المناسبات المختلفة.
ولاحقا انتشرت كوفيات تشبه اللون والشكل الأساسي لها ذا اللونين الأبيض والأسود، فظهرت الكوفيات ذات اللون الأحمر على خلفية بيضاء، وما زال النشطاء والمؤيدون للقضية الفلسطينية يرتدون الكوفية تضامنا مع الشعب الفلسطيني وقد ظهر ذلك واضحا ما بعد أحداث السابع من أكتوبر حول العالم.
قبة الصخرة ليست هي المسجد الأقصى
تمثل صورة قبة الصخرة في المسجد الأقصى صورة عالقة في أذهان كل عربي مؤمن بالقضية، لأنها من أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم، وتعبر أيضا عن مسجد قبة الصخرة الذي توجد فيه وهو أقدم بناء إسلامي محافظاً على رونقه وشكله وزخرفته منذ بنائه على يد عبد الملك بن مروان عام ٧٢ هجريا.
وتعبر أيضا عن المسجد الأقصى ككل وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين التي لا تُشَد الرحال إلا إليها كما ورد عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى يشمل قبة الصخرة والجامع القبلي والمصلى المرواني نسبة إلى الخليفة ابن مروان، وعدة معالم يصل عددها إلى مائتي معْلَم على مساحة أرض تصل إلى ١٤٤ ألف متر مربع، وهناك سور يجمع كل هذه المعالم والساحات والحدائق تحت مسمى المسجد الأقصى، وتقع قبة الصخرة في منتصفه وتعد أعلى نقطة فيه.
غير أن الصخرة المشرفة التي توجد في بناء قبة الصخرة تتمثل قدسيتها في كونها الصخرة التي عرج منها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج، لهذا سمي المسجد بهذا الاسم، وقد تأثرت كثير من البنايات بأسلوب عمارة وزخرفة مسجد قبة الصخرة.
مفتاح العودة
منذ اندلاع الحرب عام ١٩٤٨م بين إسرائيل والعالم العربي وإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين إثر ذلك كما أعلن الكيان الصهيوني وقتها، وتم طرد الفلسطينيين من بيوتهم، من ذلك الوقت ويحتفظ كل فلسطيني طرد من منزله بالمفتاح الخاص به كرمزية لأحقيته في العودة إلى منزله وأرضه التي هُجِّر منها، فيكفي الصدأ الذي يعلو هذه المفاتيح أن يعبر أن عمر مفتاح العودة أطول من عمر الكيان.
علاقة البطيخ بعلم فلسطين
ليس نبات الزيتون فحسب يشير إلى فلسطين المحتلة بل أضحى البطيخ ليس مجرد فاكهة شعبية لأكثر من عقد لدى الفلسطنيين، وذلك بسبب أنه يحمل نفس ألوان العلم الفلسطيني الأحمر والأسود والأبيض والأخضر.
وحدث ذلك بعد حظر قوات الاحتلال حمل العلم الفلسطيني في أرجاء الأراضي المحتلة بعد حرب ١٩٦٧م، وسيطرة قوات الاحتلال آنذاك على غزة الضفة الغربية، فلجأ الفلسطينيون إلى حمل شرائح البطيخ بدلا من العلم كنوع من أنواع المقاومة والاحتجاج وتحايل على الظروف التي تمنع أقل أساليب مقاومة ورفض المحتل.
ومن وقتها وانتشر البطيخ في المظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية في أنحاء العالم وفي الأعمال الفنية التي تتضامن معها، ولجأ بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لاستخدام البطيخ في منشوراتهم بدلا من العلم الفلسطيني احتجاجا على الحرب على غزة، واستخدموا البطيخ خوفا من حجب حساباتهم الشخصية من قِبَل شبكات التواصل الاجتماعي.
حتى أن البطيخ ظهر في الاحتجاجات التي حدثت في تل أبيب مؤخرا ضد خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو ” وذلك من خلال لافتات عليها صور البطيخ، وارتداء المتظاهرين ملابس مرسوم فيها شرائح البطيخ اعتراضا على سياسات الحرب ضد غزة.