يطل غدا الشيخ أحمد نعينع عبر أثير إذاعة القرآن الكريم قبل آذان المغرب ببعض الآيات من سورة الكهف وبعض قصار السور وسورة الكهف، وتلاوة من أروع تلاواته يصل بها إلى قلوب مستمعيه كما عوَّدَهُم، وحرصا من موقع بالعربي على عرض سيرة المشايخ والمقرئين الذين يصدعون بقرآن المغرب في الإذاعة المصرية، فهذه إطلالة سريعة على حياة الشيخ الطبيب أحمد نعينع.
نعينع الأب والابن
ولد الشيخ “نعينع” في مركز مطويس في محافظة كفر الشيخ بأقصى شمال مصر في الخامس عشر من مارس عام ١٩٥٤م، لوالده أحد أكبر التجار في المركز والذي يحمل نفس الاسم ” أحمد نعينع” وكانت هذه عادة أهل القرية في تسمية أبنائهم، وكان الطفل أحمد نعينع هو المولود الثاني للأب أحمد نعينع.
مشروع قارئ
وقرر الأب أن يرسل ابنه إلى الكُتَّاب وما زال الطفل في السنة الثالثة من عمره وكان الكُتَّاب كعادة الكتاتيب وقتها يعلم القراءة والكتابة والحساب، فوجد الابن قبولا تجاه الاستماع إلى القرآن وقراءته ترتيلا وتجويدا، وحفظ كثيرا من القرآن الكريم عن طريق التلقي من شيخ الكُتّاب.
فذاع صيته في القرية وعلم الناس بحسن صوته، فكان يقرأ بين كل آذان وإقامة في مسجد القرية، وكان يحيي حفلات الحجيج قبل سفرهم لأداء مناسك الحج وحفلات المولد النبوي، وعندما يغيب قارئ قرآن الجمعة بمسجد القرية كان الشاب “أحمد نعينع” يحل مكانه، ويذكر “الشيخ” في أحد تصريحاته أن عن أول لقاء له بالرئيس جمال عبدالناصر عندما حضر حفل توزيع الأراضي على الفلاحين بالقرية كان صغيراً فوضعوه أمام الرئيس وقرأ أمامه وكانت المرة الوحيدة التي يرى فيها الرئيس عبدالناصر.
الإسكندرية وبداية المشوار
درس أحمد نعينع في كلية الطب بجامعة الإسكندرية وتخصص في مجال طب الأطفال، إلا أنه لم يبعد عن تلاوة القرآن الكريم، فقرر أن يطور من نفسه في المجال، فدرس علم التجويد وأتقن القراءات السبع بجانب دراسته للطب، في نفس الوقت كان نجم الشيخ مصطفى إسماعيل يسطع في أنحاء الإسكندرية، فاستغل “نعينع” الابن ذلك وكان يتعلم منه ويجلس الساعات بجواره في فيلته الخاصة، حتى أنه دوما كان يذكره بأنه كان أستاذا أبا روحيا له، وكان “نعينع” الابن من أنجب تلاميذ الشيخ مصطفى إسماعيل.
تدابير القدر
بعد تخرجه في كلية الطب التحق الطبيب “نعينع” بالخدمة العسكرية كضابط احتياطي بالقوات البحرية، وهنا جاء القدر ليمنحه فرصة تغير من مسار حياته، في احتفال العيد السنوي للقوات البحرية كان الطبيب الضابط ” أحمد نعينع” يقرأ آيات من الذكر الحكيم وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يحضر الحفل وسمع صوته ولفت انتباهه، فاختير قارئا للاحتفالات الرسمية من قِبَل قادته، وفي حفل نقابة الأطباء بيوم الطبيب يحضر الرئيس السادات ويحيي الحفل الطبيب “نعينع”، وفي هذه المرة يعينه الرئيس طبيبا خاصا برئاسة الجمهورية وكان يرافقه في أغلب الأماكن ليطمئن على صحته، وكذلك قارئ المناسبات الرسمية التي تكون بحضور رئيس الجمهورية، وكان لا يتقاضى أي أجر عن تلاواته القرآن في الاحتفالات حتى التحق بالإذاعة.
سافر الشيخ “نعينع” سفريات عديدة بدعوة من ملوك ورؤساء ويحصل بعدها على لقب قارئ الملوك والرؤساء، فسافر المغرب بدعوى من الملك الثاني، وسافر الأردن بدعوى من الأمير الحسن ملك الأردن، وبعد وفاة الرئيس” السادات” لم يكن الشيخ ضمن الطاقم الطبي للرئيس “مبارك” لكنه ظل قارئ بالمناسبات الرئاسية وظلت علاقته طيبة بالرئيس “مبارك” على حد قوله.
حلم الإذاعة
قرر الشيخ ” نعينع” الالتحاق بالإذاعة بسبب عدم نقل إذاعة القرآن الكريم لأحد الحفلات التي كان يقيمها الشيخ ” نعينع” لأنه غير معتمد بالإذاعة المصرية، وأسند الأمر إلى معلمه الشيخ مصطفى إسماعيل وحاول الشيخ ضم الشيخ الشاب إلى الإذاعة لكن القدر لم يسعفه فمات الشيخ مصطفى إسماعيل في نهاية عام ١٩٧٨م و”نعينع” لم يلتحق بالإذاعة.
تقدم الشيخ “نعينع” في عام ١٩٧٩م إلى اختبار الإذاعة المصرية، وصرحت اللجنة المؤلفة وقتها من شيخ المقاريء المصرية الشيخ رزق خليل، والشيخ مرسي عامر، بأن صوته مألوفا وقد سمعوه يقرأ بالإذاعة سابقاً، ومنذ ذلك الوقت وقد اعتمد الشيخ بالإذاعة المصرية.
غير الشيخ ” نعينع” الصورة النمطية والمعتادة لقارئ القرآن فهو يرتدي البدلة أثناء قراءته القرآن على عكس المشايخ قبله الذين كانوا يرتدون العمامة والطربوش الأحمر وقال الشيخ أنهما من الزي التركي وليس هذا لباس أهل السنة وكشف الرأس ليس عورة والعورة من السرة إلى الركبة، وقد قرأ في كثير من المناسبات الرسمية التي حضرها الرئيس “السيسي”، ويظل الشيخ ” نعينع” متفردا بأسلوبه وغير مقلدا يقرأ القرآن دون انتظار مقابل فهو يجد في قراءة سعادة وراحة لا نظير لهما.