يطل الشيخ الطبلاوي غدا عبر أثير إذاعة القرآن الكريم بتلاوة قرآنية قبل آذان المغرب بتلاوة آيات من سورة الزخرف قد قرأها في الجامع الأزهر عام ١٩٨٥م، الشيخ الراحل محمد محمود الطبلاوي الذي وصفه الكاتب محمود السعدني بعبقري التلاوة، وصفه خبراء النغم بالنغمة المستحيلة، ومن أجل هذه المناسبة يعرض موقع بالعربي جزء من حياة الشيخ الراحل.
بشرى الجد ودعوة الأب
ولد الشيخ محمد محمود الطبلاوي في قرية ميت عقبة بمحافظة الجيزة وتعود أصوله إلى محافظتي المنوفية والشرقية، وكان ذلك في اليوم الرابع عشر من نوفمبر عام ١٩٣٤م، وكان الابن الوحيد لوالديه، حفظ القرآن في سن صغيرة وهو في التاسعة من عمره وقد بدأ حفظ القرآن في كُتاب القرية وهو في الرابعة من عمره وأظهر نبوغا وفطنة جعل شيخه يعطيه اهتماما ورعاية، ولعل ذلك بسبب دعوة والده له بأن يكون ابنه أحد حفظة القرآن الكريم ومن رجال الدين، وقد سمع الشيخ” الطبلاوي “دعوة والده فأقسم أن يحقق الأمنية، ويروي أيضا الشيخ الطبلاوي في أحد أحاديثه أن جده قد بشَّر والدته قبل ولادته وفي أثناء الحمل أن من في بطنها سيكون من حملة القرآن الكريم.
قارئ مبتدئ
وبدأ بعد ذلك كقارئ في المآتم وهو في الثانية عشرة من عمره، وكان أول أجر له في الليلة عشرة قروش لأنها لم يكن معروفا وقتها حتى وصل أجره إلى خمسة جنيهات لليلة وهو في عمر الخامسة عشرة ويروي الشيخ الطبلاوي أنه كان يمر على البيوت ويقرأ ربعا من القرآن مقابل مبلغ بسيط وأسهمت هذه الطريقة في معرفة الناس له، فقد ذاع صيته القارئ المفضل لكبرى العائلات وقد كان يواصل القراءة لمدة ساعتين دون أي مشقة أو تعب.
مشوار القراءة يكتمل
ثم عمل مقرئا في إحدى الشركات بالقاهرة وكان عمله يتلخص في رفع الآذان وقراءة القرآن بمسجد الشركة، وكانت هذه الوظيفة سببا في شهرته في أنحاء القاهرة، وحاول الشيخ الانضمام إلى إذاعة القرآن الكريم لكنه رسب تسع مرات في امتحان التلاوة بسبب عدم إلمامه بمقامات الصوت والموسيقي، ونجح في المرة العاشرة لما كان لديه من القدرة البارعة في الانتقال بين المقامات.
دخول الإذاعة
وفي عام ١٩٧٠ م اعتمد الشيخ كقارئ بالإذاعة المصرية، وفي البداية قام بتسجيل تسجيلات صغيرة لاقت استحسانا من الناس، وقام بتسجيل القرآن الكريم مرتين، الأولى مجودا على مدار ٧٥ ساعة والثانية مرتلاً لمدة ٣٣ ساعة، وكان يؤكد الشيخ دائما أن إذاعة القرآن الكريم لها فضل كبير على المقرئين المصريين، واشتهر اسمه وسط الأمتين الإسلامية والعربية وسافر دول عديدة بدعوة من وزارة الأوقاف والمؤسسات الاسلامية.
الألقاب والنجاحات
من الألقاب التي حصل عليها “ظاهرة العصر”، “سفير القرآن”، “قارئ الملوك والرؤساء”، “أيوب المقرئين”،”آخر حبة في مسبحة المقرئين الكبار”، زار أكثر من ٨٠ دولة عربية وإسلامية ومثَّل مصر والأزهر في مؤتمرات عديدة، وقرأ القرآن في جوف الكعبة وقت غسل الكعبة عندما زار المملكة العربية السعودية وطلب منه الملك خالد بن عبد العزيز قراءة القرآن داخل الكعبة، وشارك في تحكيم كثير من المسابقات القرآنية حول العالم.
نقيب القراء
في السبعينيات اختير الشيخ “الطبلاوي” كقارئ الجامع الأزهر، وساهم الشيخ في إنشاء نقابة لعموم المقرئين في مصر بسبب تردي أحوال المقرئين المادية مما دفع بعضهم من المواهب الكبيرة إلى الانسحاب بعيدا عن المجال، وأصبح نقيبا للقراء وسط اثنا عشر ألف مقرئ.
زيارة الأردن وأمريكا
كرم من الملك حسين أثناء زيارته للمملكة الأردنية الهاشمية في عام ١٩٧٣م، وحصل على وسام أثناء الاحتفال بليلة القدر في لبنان، وقد شهدت إحدى تلاواته إسلام العشرات في أمريكا بعد سماعهم قراءته القرآن، لكن آثار تقدم العمر والمرض جعلته يعتزل القراءة، لكنه لم ينقطع عن تلاوة القرآن الكريم فكان يختمه مرة كل أسبوع.
حادثة فنجان القهوة
وكان يروي الشيخ الطبلاوي في أغلب أحاديثه حادثة نجا فيها من القتل بأعجوبة، حيث دُعِي في أحد المرات إلى مأتم بالقاهرة وفي الاستراحة طلب فنجانا من القهوة ووضِع أمامه لكنه انشغل عنه، وكلما يحاول شربها يمنعه شيئا، حتى شرب عامل فِراشة بالحفل الفنجان بعد أن بردت القهوة وطلب منه الشيخ شربها، فمات العامل بعدها مباشرة
الحياة الأسرية
وعن حياته الأسرية تزوج الشيخ ثلاث مرات الأولى وهو في عمر ١٦ سنة ولم ينجب من زوجته الأولى، ثم تزوج في عمر ١٩ سنة وأنجب أول أبنائه وتزوج الثالثة، ورزق الشيخ بثمانية أبناء وخمسة بنات، وله أكثر من ثلاثين حفيدا، وقد مات لديه ولد في عمر عشر سنوات.
رحيل الشيخ
رحل الشيخ الطبلاوي في الخامس من مايو عام ٢٠٢٠م وفي اليوم الخامس من شهر رمضان بعد الإفطار وسط عائلته وبعد توزيع المساعدات على جيرانه ضمن جمعية خيرية تديرها ابنته، وأوصى ابنه الصغير بمواصلة حفظ القرآن الكريم، بعد معاناة مع المرض وفي عمر ٨٦ عاما ودفن في مقابر العائلة بالبساتين، وقد شارك في جنازته عدد كبير من المقرئين ورجال الدين.